قصة "طويلة" .. جداً
(قصة عادل وماريان)
قصة تتمتع بسهولة الفكرة و انسيابية الأسلوب ، تلخص ببساطة و تلقائية قصة حياة الكثيرين ممن يبتلع التسويف حياتهم دون أن يدركوا معنىً لها .. وصلتنا هذه القصة عبر البريد الإلكتروني منقولة عن إحدى المجموعات البريدية غير منسوبة إلى مؤلفها .. و هي رسالة موجهة لعموم المسيحيين ..
عادل طفل مسيحي ذكي في التاسعة من عمره ، كان ذات يوم في طريق العودة مع أبيه من الكنيسة و في ذهنه تدور تساؤلات كثيرة فسأل والده في براءة :
عادل: أبي ، لماذا يلبس القسيس ملابس سوداء؟
الأب: لكي يعرفه الناس !
هز عادل رأسه بطريقة توحي بعدم اقتناعه وبعد مسافة قصيرة سأل عادل أباه : أبي ، لماذا أراك تُقَبِّل الصليب كثيراً؟
أجاب الأب: لأن يسوع المسيح صُلِبَ عليه يا عادل
رد عادل في براءة الأطفال قائلا : لكنني أكره هذا الصليب
قال الأب وقد بدا عليه الضجر من أسئلة عادل: ولماذا تكرهه؟
أجاب عادل: لأن يسوع المسيح تعذب ومات عليه
الأب: لكنه مات من أجلك يا عادل!
عادل: من أجلي!! وكيف ذلك
الأب: لكي يُكَفِّر عنك خطيئة أبيك آدم حين أكل من الشجرة
عادل: وما دخلي بخطيئة أبي آدم؟ هل أنا مسؤول عن خطايا جميع الناس الذين خلقهم الله؟
الأب: هذا أمر ستفهمه عندما تكبر يا عادل
استمر عادل في طريقه للمنزل صامتاً وهو يتمنى من داخله أن يأتي ذلك اليوم الذي يكبر فيه ويجد الإجابة عن جميع أسئلته ..
عادل كبر وكبرت الأسئلة في ذهنه وأصبح عمره خمس عشرة سنة .. فكر عادل مرة في أن يناقش أمه لعله يجد إجابة شافية عندها :
عادل: أمي إذا كان المسيح هو الذي خلقنا فمن الذي خلق المسيح؟
الأم: ولماذا تسأل هذا السؤال يا حبيبي ألا تعلم أن المسيح هو الخالق الذي خلق الكون كله؟
عادل : لكن المسيح يا أمي قد ولد من بطن أمه فمن الذي خلق السيدة العذراء؟
الأم : المسيح أيضا يا حبيبي
عادل: ولماذا دخل بطنها بعد أن خلقها ليولد كما يولد الأطفال؟ وكيف يمكن أن يكون لله الذي خلق الكون أمّا ؟
الأم : أنت تسأل عن أمور كثيرة يا عادل وسوف تعرف الإجابة عنها بمفردك عندما تكبر ، من الأفضل لك الآن أن تراجع دروسك لأن موعد الامتحانات قد اقترب
ترك عادل أمه ودخل غرفته لكي يراجع مادة الرياضيات وفي ذهنه سؤال كبير: هل سيأتي ذلك اليوم الذي يجد فيه إجابة شافية لجميع أسئلته؟؟
نجح عادل بتفوق في الثانوية العامة ودخل كلية الهندسة ولم يَنْسَ حلمه القديم ، فقد كانت الأسئلة تثور في ذهنه بين الحين والآخر و كان يقول في نفسه : الآن لم أعد صغيراً ولابد أن أجد إجابة عن كل الأسئلة التي تدور في ذهني ، ولكن .. وآهٍ من لكن.. كانت مذاكرته لا تتيح له الوقت الكافي لكي يبحث عن إجابة شافية لكل هذه الأسئلة ... لكن سؤالاً واحداً كان يؤرقه بشدة وهو : ماذا لو مت الآن؟ هل سيحاسبني الله لأني لم أجتهد في الوصول للحقيقة كما أجتهد في المذاكرة؟ .. فكر عادل قليلا ووجد أن الإجابة المنطقية هي : نعم ؛ لأن الدين هو أهم شيء في حياة الإنسان وأن المذاكرة ما هي إلا وسيلة وليست هدفاً .. كان عادل يشعر في داخله أن المسيحية بها الكثير من التناقضات والأمور المبهمة .. لقد تحير عقله كثيراً كلما قرأ عن شخصية المسيح في الكتاب المقدس .. أهذا حقاً هو الرب الذي خلق السماوات والأرض.. إن حديث الكتاب المقدس عن المسيح لا يختلف عن حديثه عن نبي من الأنبياء .. حتى كلام المسيح نفسه إنه يتحدث عن نفسه كما يتحدث أي بشر عادي ! لماذا لم يعترف لليهود صراحةً أنه هو الله الذي يجب أن يعبدوه؟ هل كان خائفا منهم؟ لا .. إن الرب لا يخاف .. فماذا إذن؟ كان عادل يشعر في قرارة نفسه أن دين المسلمين ليس به كل هذه المتناقضات .. كل الأمور واضحة عندهم ..
كم يحسد زملاءه المسلمين في الدفعة لأنهم لا يعانون مثل هذه الحيرة .. كان عادل يعرف الكثير منهم معرفة شخصية وبعضهم من المتدينين ، لكنه بدلاً من أن يحاور أيَّاً منهم ويستفهم منه عن الإسلام لعله يجد إجابة شافية عن أسئلته - وليته فعل - اتصل عادل بزميله جورج ودار بينهم هذا الحوار :
عادل: كيف حالك يا جورج؟ إني أريد أن أكلمك في موضوع مهم
جورج: وما هو يا عادل؟ .. كلي آذان صاغية
عادل: جورج ، أخبرني بصراحة لماذا تؤمن أن المسيح هو الله؟
جورج ( متعجباً ) : وهل هذا سؤال يا عادل؟ هل عندك شك في هذا؟
عادل : أريد أن أسمع منك إجابة واضحة يا جورج وأرجو ألا تفهمني خطأ
جورج: لأن أبانا أخبرنا ذلك في الكنيسة منذ أن كنا صغاراً و هذا ما تعلمناه في المدرسة و أبي و أمي وإخوتي كلهم...
قاطعه عادل قائلا: ولكننا الآن أصبحنا كباراً ولابد أن تصير لدينا قناعة ذاتية بأهم أمور الدين ولا يكفي أن نعتمد على ما قاله لنا الأب أو المدرس في المدرسة و...
جورج: ماذا دهاك يا عادل؟ هل تتصل بي في هذه الساعة لكي نتحدث في هذه الأمور؟ ألا تعلم أن عندنا امتحان ميكانيكا غداً؟
عادل : لكن هذا الكلام أهم من الامتحان صدقني
جورج: ماذا تقول يا عادل؟ إنني أريد أن أحصل على تقدير هذا العام لا ككل مرة .. هيا هيا أمامك العمر طويل بعد أن تتخرج من الكلية فكر واقتنع فيه كما تشاء .. هيا إنني أريد أن أراجع مسائل العام الماضي
أشفق عادل على جورج وأدرك أنه لن يشعر بما يشعر به مهما حدثه وأنهى معه المكالمة ثم انكب على مذاكرة الميكانيكا ..